حقيقة ابن سبأ حقيقة ام خيال
بواسطة
, 06-13-2024 عند 11:10 PM (985 المشاهدات)
[QUOTE=عامر العمار;22348]مَنْشَأ الاُسْطُورَة السَّبَئيَّة
عشرة قرون والمؤرّخون يكتبون هذه القصّة، وكلّما تصرّمت السّنون ذاعت انتشاراً حتى ندر أن يكتب في العصور الاخيرة كاتب عن تاريخ الصحابة ولا يذكر هذه القصة، غير أن القاصّ الاوّل قد أوردها باُسلوب الحديث، والمتأخرون قد زيّنوها بإطار من التجزئة والتحليل.مُخْتَلِقُهَا وَسِلْسِلَة رُواتِهَا
تواترت هذه القصة وشاعت، ولابدّ لنا في تمحيصها من الرجوع إلى مصادرها ورُواتها من القُدامى والمتأخرين. فمن هم رُواتها؟ وما هي أسانيدها؟
محمد رشيد رضا:ـ 1 ـ
نجد من المتأخرين السيد محمد رشيد رضا(1)، ينقل هذه القصّة في صفحة 4 ـ 6 من كتابه ((السُنَّة والشيعة)) ويقول: ((كان التشيّع للخليفة الرابع عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه مبدأ تفرّق هذه الاُمّة المحمّديّة في دينها وفي سياستها)).
كان مُبتدِع اُصوله يهوديّ اسمه (عبداللّه بن سبأ) أظهر الاسلام خِداعاً، ودَعا إلى الغُلُوّ في عليّ كَرَّم اللّه وجهـه لاجل تفريق هذه الاُمّة وإفساد دينـها ودنياها عليها)).
ثم يَسْرُد السيّد رشيد هذه القصّة إلى ص 6 من كتابه ويُعلّقُ عليها بما يَهْوى فإذا فَحَصْت عن مُستنده فيما يَزْعُم وجدته يقول بعد ذلك:
((ومن راجع أخبار واقعة الجمل في تاريخ ابن الاثير(2) مثلاً يرى مبلغ تأثير إفساد السبئيّين لذات البَيْنَ دون ما كاد يقع من الصلح. راجع ص 95 و 96 و 103 من الجزء الثالث)).
إن السيّد رشيداً قد نصّ في كتابه على أنّ المصدر الذي اعتمد عليه هو التاريخ الكامل لابن الاثير، وعيّن صفحات الكتاب تسهيلاً للباحث.
ـ 2 ـأبو الفداء:
كما أنّ أبا الفداء(3) المتوفى سنة 732 ه أورد في كتابه المختصر نُبَذَاً من ذُيول هذه القصّة مع قصص اُخرى غير صحيحة، وصَرَّح في ديباجة كتابه ـ عند ذكره لمصادر تأليفه ـ بقوله: ((فاخترته واختصرته من الكامل تأليف الشيخ عزّ الدين عليّ المعروف بابن الاثير الجزري)).
ابن الاثير:ـ 3 ـ
وإذا راجعنا تاريخ ابن الاثير هذا المتوفّى سنة 630 ه نجده يورد هذه القصّة كاملة في حوادث سنة 30 ـ 36، ولا يشير إلى المصدر الذي اعتمد عليه في نقلها غير أنّه يقول في مقدّمة كتابه(4): ((إنّي قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحدٍ. ومن تأمّله علم صحّة ذلك. فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنّفه الامام أبو جعفر الطبري إذ هو الكتاب المعوّل عند الكافّة عليه، والمرجوع عند الاختلاف إليه، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه لم أخلُ بترجمة واحدة منها. وقد ذكر هو في أكثر الحوادث روايات ذوات عدد كلّ رواية منها مثل التي قبلها أو أقلّ منها. وربّما زاد الشيء اليسير أو نقصه، فقصدتُ أتمّ الروايات فنقلتها، واضفت إليها من غيرها ما ليس فيها وأودعت كلّ شيء مكانه، فجاء جميع ما في تلك الحادثة على اختلاف طرقها سياقاً واحداً على ما تراه. فلمّا فرغت منه أخذت غيره من التواريخ المشهورة فطالعته وأضفت إلى ما نقلته من تاريخ الطبري ما ليس فيه، ووضعت كل شيء منها موضعه إلاّ ما يتعلّق بما جرى بين أصحاب رسول اللّه (ص)، فإنّي لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً إلاّ ما فيه زيادة بيان، أو اسم إنسان، أو ما لا يُطعَنُ على أحد منهم في نقله. وإنّما اعتمدت عليه من المؤرّخين إذ هو الامام المتقن حقّاً الجامع علماً وصحّة اعتقاد وصِدقاً. على أنّي لم أنقُل إلاّ من التواريخ المذكورة والكتب المشهورة ممّن يُعلم صدقهم فيما نقلوه وصحّة ما دوّنوه)).
إذاً فابن الاثير الّذي ينقل عنه كلّ من أبي الفداء (والسيّد رشيد) اعتمد على تاريخ الطبري في نقل هذه القصّة، ولمّا كانت القصّة موضوعة لبيان الحوادث التي وقعت بين الصحابة لم يزد (ابن الاثير) على رواية الطبري شيئاً