من زار كربلاء من الملوك والسلاطين والامراء do.php?img=17456
لم تكن مدينة كربلاء المقدسة في القرن الاول الهجري عامرة ، مع ما كان في أنفس الهاشميين وشيعتهم من شوق ولهفة في مجاورة قبر سيد الشهداء عليه السلام لم يتمكنوا من اتخاذ الدور واقامة العمران خوفا من سلطان بني أمية . وقد أخذت بالتقدم في أوائل الدولة العباسية ، ووتراجعت في أيام الرشيد العباسي . وقد ازداد خرابها في أيام المتوكل لأنه هدم قبر الحسين عليه السلام فرحل عنها سكانها . ثم أخذ الشيعة في أيام المنتصر يتوافدون الى كربلاء المقدسة ويعمرونها . ( وكان أول علوي سكنها ، وهو تاج الدين ابراهيم المجاب حفيد الامام موسى بن جعفر عليهما السلام ، وقد وردها في حدود سنة 247 هجرية ) . واتخذت الدور عند رمسه ، وقامت القصور والأسواق حوله ولم يمض قرن أو بعض قرن ، الا وحول قبره الشريف مدينة صغيرة بها آلاف النفوس . وفي العصر العباسي وفي القرن الرابع الهجري زارها السلطان عضد الدولة بن بويه سنة 370 هجرية ، وكانت قرية عامرة بالسكان ، وعدد من جاور القبر في ذلك العهد من العلويين فيها خاصة ما يربوا على ألفين ومائتين نفس . فأجزل لهم عضد الدولة في العطايا ، وكان ما بذل لهم مائة ألف رطل من التمر والدقيق ومن الثياب خمسمائة قطعة (تكلمة تأريخ الطبري للهمداني ، ص 231 ) .وفي سنة 369 هـ في زمن عضد الدولة ـ أطلقت الصلات لاهل الشرف والمقيمين في المشهدين الغري و ( الحائر ) على ساكنهما السلام وبمقابر قريش ، فاشترك الناس في الزيارات والمصليات بعد عداوات كانت تنشؤ بينهم ( انظر تجارب الامم لابن مسكويه ج 6 ص 407 ) .وفي سنة 402 هـ واصل فخر الملك الصدقات والحمول الى المشاهد بمقابر قريش والحائر والكوفة ، وفرق الثياب والتمور . ( المنتظم لابن الجوزي ج 7 ص 256 ) . وقد زارها من البويهيين أيضاً الملك جلال الدولة أبو طاهر بن بهاء الدولة بن عضد الدولة ، وترجل قبل أن يرد المشهد بنحو الفرسخ تعظيما واجلالا لقبر سيد الشهداء . وكان ذلك سنة احدى وثلاثين وأربعمائة . ووصف الصنجي حال عمرانها وقد وردها بعد تمام القرن السابع وأول القرن الثامن ، قال : (( هي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخيل ويسقيها ماء الفرات ، والروضة المقسة داخلها وعليها مدرسة عظيمة وزاوية كريمة فيها الطعام للوارد والصادر . وعلى باب الروضة الحجاب والقومه ، لا يدخل أحد الا عن أذنهم ، فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة ، وعلى الضريح المقدس قناديل الذهب والفضة ، وعلى أبواب أستار الحرير)).وفي سنة 436 هـ سار الملك أبا كاليجار البويهي الى بغداد في مائة فارس ، فلما وصل النعمانية لقيه دبيس بن مزيد ، ومضى الى زيارة المشهدين بالكوفة وكربلاء . ( الكامل ج 8 ص 40 ) . وزارها من السلاجقة في النصف الثاني من القرن الخامس ( سنة 479 ) السلطان ملكشاه السلجوقي مع وزيره نظام الملك عندما كان ذاهباً للصيد في تلك الانحاء ( الكامل ج 9 ) ، وفي المنتظم أنه أمر بتعمير سور الحائر وفي سنة 529 مضى الى زيارة علي ومشهد الحسين عليهم السلام خلق لا يحصون وظهر التشيع ( المنتظم ج 10 ص 52 ) . وفي ربيع الآخر سنة 553 هـ ، خرج الخليفة المقتفي بالله بقصد الانبار وعبر الفرات وزار قبر الحسين عليه السلام ، ( المنتظم ج 10 ص 181 ) .وفي سنة 634 هـ قام الخليفة المستنصر بالله العباسي بأعطاء ثلاثة آلاف دينار الى الشريف الاقساسي ( نقيب الطالبيين ) وأمر ان يفرقها على العلويين المقيمين في مشهد أميرالمؤمنين علي والحسين وموسى بن جعفر عليهم السلام . . ( الحوادث الجامعة لابن الفوطي ص 95 ) . وقد زارها الملك الناصر ابن الملك عيسى الايوبي سنة 653 هـ عند مجيئه للعراق لاخذ جوهرة عظيمة ، كان قد بعثها من حلب وديعة عند الخليفة المستعصم العباسي ، ثم توجه من كربلاء الى الحج بعد أن أيس من أخذها . ( المختصر في أخبار البشر لابي الفداء ج 3 ص 191 ) .في سنة 941 هـ / 1534 م تم فتح العراق على يد السلطان سليمان القانوني الذي احتل بغداد في 18 جمادى الأولى سنة 941 هـ وزار مرقد الإمامين الهمامين الجوادين (ع) في ظاهر بغداد. ثم قصد زيارة المشهدين المعظمين أمير المؤمنين وأبي عبد الله الحسين عليهما السلام واستمد من أرواحهما.

وكانت زيارته لكربلاء في 28 جمادي الأولى من السنة المذكورة، وأمر بشق نهر كبير من الفرات وأوصله إلى كربلاء وجعلها كالفردوس الأمر الذي زاد في محصولاتها وأثمار أشجارها وأنعم على الخدمة والسكان. كما وأنعم على ساكني دار السلام...

كما زار الحائر الشاه عباس الكبير حفيد الشاه اسماعيل الصفوي وذلك في سنة (1032 هـ / 1623 م). ويؤيد ذلك صاحب كتاب (عالم آراي عباسي) كما في قوله: « بعدما قضى الشاه عباس زيارة الحسين عليه السلام توجه عن طريق الحلة إلى النجف للثم عتبة الحرم الحيدري.
وفي بداية سنة 1088 هـ توجه الوالي قبلان مصطفى باشا إلى زيارة العتبات المقدسة في كربلاء والنجف الأشرف وذلك في شهر شعبان و أنعم على الخدم ثم عاد إلى بغداد، وعند عودته ورد أمر عزله.

ثم زار الحائر السلطان حسن باشا سنة 1117 هـ / 1705 م يروي لنا ابن السويدي في كتابة (تاريخ بغداد) عن وصف زيارة السلطان المذكور بقوله: وفي شوال من هذه السنة رفع اللواء بالمسير إلى كربلاء لزيارة سيد الشهداء وإمام الصلحاء قرة عين أهل السنة وسيد شباب أهل الجنة أبي عبد الله رضي الله عنه وإلى زيارة الليث الجسور والشجاع الغيور قاطع الأنفاس من ضال كالخناس أبي الفضل العباس فدخل كربلاء وزار أصحاب الكساء واطلعت المباخر وظهرت المفاخر فأجزل على خدامها وأجمل في فقرائها ودعا بحصول المراد وزوال الأنكاد ودعا له بما يروم وأنجح في سعيه بالقدوم وبقي يوماَ واحداً لضيق القصبة بأحزابه وأعوانه وأصحابه ثم ارتحل قاصداً أرض الغري.
وممن زار كربلاء أيضاَ السلطان نادر شاه الأفشاري، فانه توجه نحو العراق عن طريق خانقين إلى بغداد سنة 1156 هـ ومنها إلى الحلة ثم منها إلى النجف دخلها يوم الأحد في الحادي والعشرين من شوال وارتحل عنها يوم الجمعة ودخل كربلاء يوم السبت وأقام فيها خمسة أيام هو ووزراؤه وعساكر ه وأرباب دولته ومعه تديمة مرزا زكي.
وزار الحائر السلطان ناصر الدين شاه القاجاري حفيد فتح علي شاه وذلك في سنة 1287 هـ فقيل عن لسانه في تاريخ زيارته (تشرفنا بالزيارة)، وقد دون
ماأسعفته الذاكرة في رحلته المطبوعة بالفارسية بأسم (سفرنامه ناصري). ويقال ان معتمد الملك هو الذي كتب وصنف هذه الرحلة عن لسان السلطان المذكور. جاء في (المنتظم الناصري) وصف زيارته للحائر قوله: في سنة 1287 هـ في شهر رمضان في الثالث عشر منه ورد السلطان ناصر الدين شاه زائراً النجف وخرج يوم العشرين منه عائداً إلى كربلاء وأنعم على المجاورين للروضة المطهرة وقدم لأعتاب تلك الحضرة المقدسة فض الماس مكتوباً عليه سورة الملك على يد متولي الحضرة الشريفة (انتهى) (1). ومن جملة الإصلاحات التي أنجزت في عهده توسيع صحن الحسين من جهة الغرب وتشييد الجامع الناصري العظيم فوق الراس اضافة الى التذهيب القبة السامية كما يستدل من كتيبة القسم الأسفل من القبة، وقد نقشت بماء الذهب. ويؤيد ما ذهبنا اليه صاحب كتاب (تحفة العالم) بقوله: في سنة 1276 هـ جاء الشيخ عبد الحسين الطهراني إلى كربلاء بأمر السلطان ناصر الدين شاه القاجاري، وجدد تذهيب القبة الحسينية وبناء الصحن الشريف وبناء الايوانات بالكاشي الملون وتوسعة الصحن من جانب فوق الرأس المطهر، ولما فرغ من ذلك مرض في الكاظميين وتوفي سنة 1286هـ ونقل إلى كربلاء.
ويروى أنه لدى وصول السلطان ناصر الدين شاه لكربلاء، كان في استقباله داخل الحضرة الحسينية المرحوم السيد محمد علي بن السيد عبد الوهاب آل طعمة ـ رئيس بلدية كربلاء آنذاك ـ فاحتفى به وأنشده هذين البيتين بالفارسية: قبهء سبط نبي در ارض ني برتوش برقبهـا افكنـده فـي

كفتـهء شهـزادهء اقليم ري جون بنات النعش بردور جدي
وعند ذاك منحه السلطان المذكور وساماً فضيـاً مزينـاً بشعار الحكومة الإيرانية وممن زار الحائر الحاج حسن باشا والي بغداد، وكانت ولايته من عام 1308 هـ ـ 1314 هـ، إذ جاء إلى كربلاء ثم تشرف بزيارة النجف وكان قد زارها مراراً عديدة.

كما زار الحائر أيضاً السيد محمد خان اللكناهوري أحد سلاطين الهند. وذلك في سنة 1310 هـ.

وزار الحائر في سنة 1326 هـ مير فيض محمد خان تالبر امير مقاطعة خير بور السند وهو شيخ كبير ومعه عدد من وزرائه وعساكره.

وفي 19 رمضان سنة 1338 هـ زار الحائر السلطان أحمد شاه بن السلطان محمد علي شاه القاجاري ملك إيران وزينت المدينة تزييناً رائعاً وخرج الاشراف والأعيان لاستقباله.

في عهد المملكة العراقية

وزار كربلاء الملك فيصل الأول بن شريف حسين ملك العراق وذلك في شوال سنة 1339 هـ ـ 1921 م وذلك عند توليه عرش العراق لأول مرة، واستقبل بحفاوة بالغة من قبل أعيان البلد ووجهائه، وزينت الشوارع والطرق بالسجاجيد الثمينة.

وزار كربلاء سنة 1342 هـ رضا شاه بهلوي رئيس وزراء إيران وقائد الجيش الايراني، فاستقبل استقبالاً رائعاً، ولدى عودته إلى إيران تولى العرش.

وزار الحائر الشريف الأمير عبد الله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية وذلك في يوم الأربعاء 19 جمادى الأولى سنة 1348 هـ.

وزار الحائر أيضاً عباس حلمي ملك مصر السابق في رمضان سنة 1351هـ.

وزار الحائر ملك العراق غازي الأول وذلك في يوم الاثنين 24 ذي الحجة سنة 1352 هـ واستقبل بحفاوة وتكريم عظيمين.
وزار الحائر السيد علي رضا خان الرامبوري وذلك في يوم الأحد في الخامس والعشرين من رجب سنة 1353 هـ عائداً من النجف.
كما جاء الحائر أيضاً السيد طاهر سيف الدين زعيم الطائفة الإسماعيلية في الهند وأفريقيا وذلك في سنة 1358 هـ.
وزار الحائر أيضاً السلطان محمد ظاهر شاه ملك الأفغان في اليوم الخامس من جمادى الآخرة سنة 1369 هـ حيث توجه إلى النجف.
وزار الحائر ملك العراق فيصل الثاني مع خاله عبد الإله في اليوم السابع عشر من شهر جمادى الثانية سنة 1369 هـ. كما زار الحائر زيارات متتالية أخرى.
من كتاب (تراث كربلاء) سلمان هادي ال طعمه بتصرف